توجيه حديث عائشة: (عصفور من عصافير الجنة ...)

السؤال: يقول نفس السائل أيضاً: في نفس الكتاب رواية عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها حينما توفي طفل قالت: طوبى لك طير من طيور الجنة، فقال عليه الصلاة والسلام: وما يدريك يا عائشة أنه في الجنة؟ لعل الله اطلع على ما كان يفعل والنبي ﷺ قال: رفع القلم عن ثلاثة، ذكر منهم: الطفل حتى يحتلم والروايتان صحيحتان، فلا أدري كيف الجمع بينهما؟

الجواب: هذا الحديث حديث صحيح عند الشيخين، قالت فيه عائشة: عصفور من عصافير الجنة، قال النبي ﷺ: لا يا عائشة ! إن الله خلق للجنة أهلاً خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلاً خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم.
والمقصود من هذا: منعها من أن تشهد لأحد معين بالجنة أو بالنار، ولو أنه طفل لا يشهد له؛ لأنه قد يكون تابعاً لأبويه، وأبواه ليسوا على الإسلام وإن أظهراه، فالإنسان قد يظهر الإسلام نفاقاً، وقد تظهره أمه نفاقاً.
فلا يشهد لأحد بالجنة ولا بالنار ولو طفلاً، لا يقال: هذا من أهل الجنة قطعاً؛ لأنه ما يدري عن حال والديه، والأطفال تبع لآبائهم، ومن كان مات على الصغر وليس تبعاً للمسلمين فإنه يمتحن يوم القيامة على الصحيح، إذا كان ليس ولداً بين المسلمين بل لغيرهم من الكفار فإنه يمتحن يوم القيامة، فإن أطاع دخل الجنة وإن عصى دخل النار كأهل الفترة، الصحيح: أنهم يمتحنون، أنهم يمتحنون أهل الفترة، فهكذا الأطفال، ولهذا لما سئل النبي ﷺ عن أولاد المشركين قال: الله أعلم بما كانوا عاملين.
وقد جاء في السنة ما يدل على أنهم يمتحنون يعني: يختبرون يوم القيامة، ويؤمرون بأمر، فإن أطاعوا دخلوا الجنة وإن عصوا دخلوا النار.
فالمقصود: من هذا أنه لا يشهد لأحد معين بجنة ولا نار إلا من شهد له النبي ﷺ، هذه قاعدة أهل السنة والجماعة ، فإنكاره ﷺ على عائشة ؛ لأنها شهدت بالتعيين لأنها قالت: عصفور من عصافير الجنة، فلهذا أنكر عليها أن تقول هذا؛ لأن هناك شيئاً وراء هذا الأمر قد يكون سبباً لعدم دخوله الجنة، وأنه يمتحن يوم القيامة؛ لأن والديه ليسا على الإسلام.
أما أولاد المسلمين فهم تبع آبائهم، عند أهل السنة والجماعة في الجنة، أولاد المسلمين تبع آباؤهم في الجنة، وأما أولاد الكفار فإنهم يمتحنون يوم القيامة هذا هو الحق، فمن أطاع يوم القيامة دخل الجنة ومن عصى دخل النار كأهل الفترة، هذا هو الصواب وهذا وجه الحديث. نعم.
المقدم: أثابكم الله وبارك الله فيكم. 
فتاوى ذات صلة