الجواب: السنة أن ينوع في الاستفتاح، ما كان النبي يجمعها عليه الصلاة والسلام في الاستفتاح تارةً يستفتح بما جاء في حديث عمر: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك وتارةً بما جاء في حديث أبي هريرة: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد وهو في الصحيحين، وتارة يستفتح بما جاء في حديث عائشة: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماء والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
وهكذا في بعض الأحيان يستفتح بما في حديث علي: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين.. إلى آخره، هو حديث طويل رواه مسلم في الصحيح، أو بما جاء في حديث ابن عباس في البخاري ورواه مسلم أيضًا وهو حديث طويل: اللهم لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن... إلى آخر الحديث الطويل، فالمؤمن هكذا ..... والمؤمنة كذلك، يعني تارةً يستفتح بهذا وتارةً يستفتح بهذا، وإن استمر على واحد فلا بأس، وأصحها ما رواه أبو هريرة عن النبي ﷺ أنه ..كان يستفتح إذا كبر في الصلاة للفريضة يقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد خرجه البخاري ومسلم في الصحيحين.
أما الأذكار في الركوع والسجود فإنه يأتي منها بما تيسر، يشرع له أن يأتي بما تيسر، لكن يخص (سبحان ربي العظيم) في الركوع و (سبحان ربي الأعلى) في السجود، فيقول في الركوع: (سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم) فإذا كررها ثلاثًا فهو أفضل والواجب مرة، وذهب الجمهور إلى أنها مستحبة فقط، ولكن ذهب جمع من أهل العلم إلى وجوب هذا الذكر: (سبحان ربي العظيم) في الركوع و (سبحان ربي الأعلى) في السجود؛ لأن الرسول حافظ عليها عليه الصلاة والسلام، وقال: صلوا كما رأيتموني أصلي وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لما نزل قوله تعالى: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الحاقة:52] قال: اجعلوها في ركوعكم، ولما نزل قوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] قال: اجعلوها في سجودكم.
فينبغي للمؤمن والمؤمنة المحافظة على ذلك، (سبحان ربي العظيم) في الركوع و (سبحان ربي الأعلى) في السجود، والأفضل أن يكرر ذلك ثلاثًا وإن كرر أكثر فهو أفضل، ويستحب مع هذا أن يقول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) في الركوع والسجود، تقول عائشة رضي الله عنها: كان النبي ﷺ يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ويستحب أن يقول: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح)، كان يقوله النبي أيضًا في الركوع والسجود عليه الصلاة والسلام، فإن أتى بما تيسر من هذا كان هذا أفضل، وإن اقتصر على البعض فلا بأس، وإن جمع الجميع فلا بأس، لكن لا يدع (سبحان ربي العظيم) في الركوع، ولا يدع (سبحان ربي الأعلى) في السجود ولو مرة، ويستحب له أن يكثر في السجود من الدعاء، يستحب له الإكثار من الدعاء في السجود؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ... فحري أن يستجاب لكم، رواه مسلم في صحيحه، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء رواه مسلم أيضًا.
فالسنة الإكثار من الدعاء في السجود، مع قول: (سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى)، مع قول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)، وهكذا بين السجدتين يقول: (رب اغفر لي رب اغفر لي اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني) يكرر ذلك، وإن دعا بزيادة (اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين) فلا بأس كله دعاء.
والسنة أن يطيل هذا الركن وهو الجلوس بين السجدتين كان النبي ﷺ يطيله حتى يقول القائل: قد نسي، وهكذا بعد الركوع السنة أن يطيل الاعتدال بعد الركوع، قال أنس : كان النبي ﷺ يطيل هذا الاعتدال بعد الركوع وبين السجدتين حتى يقول القائل: قد نسي بعض الناس ينقر هذا الركن ولا يعطيه حقه بل يعجل وهذا لا يجوز، بل الواجب الطمأنينة في جميع الصلاة، في الركوع والسجود والاعتدال بعد الركوع والجلوس بين السجدتين، يجب الاعتدال في هذا والطمأنينة.
أما ذكر الاعتدال بعد الركوع فإنه لم يرد ما يدل على التكرار لكن يأتي به إذا تيسر كله: (ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، هذا هو الكمال وإلا اقتصر على قوله: (ربنا ولك الحمد) أو (اللهم ربنا لك الحمد) أجزأه الإمام والمأموم والمنفرد، لكن إذا كمل كان أفضل، وإن اقتصر على قوله: (ربنا ولك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما ما شئت من شيء بعد) فلا بأس أيضًا، ولكن الواجب: (ربنا ولك الحمد) أو (اللهم ربنا لك الحمد)، لأن الرسول عليه السلام قال: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد فدل ذلك أن هذا هو الواجب والباقي مستحب وكمال.
وهكذا الواجب بين السجدتين يقول: (رب اغفر لي)، فإن النبي ﷺ كان يحافظ على ذلك: (رب اغفر لي) والواجب مرة كالتسبيح في الركوع والسجود، ولكن إذا كرر ذلك ثلاثًا أو أكثر كان أفضل، (رب اغفر لي رب اغفر لي) لما يجلس بين السجدتين، وإذا زاد (اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني واجبرني) كان أفضل. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا ونفع بعلمكم.
حكم الجمع بين أكثر من دعاء وارد في الاستفتاح
السؤال: تقول أختنا: ذكر النووي في كتاب الأذكار: أنه يستحب أن لا يجمع بين جميع الأدعية الواردة عن رسول الله ﷺ في دعاء الاستفتاح أو في الركوع فما هو رأي سماحتكم؟