أما بعد:
فقد جاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ، تدل على تحريم الانتساب إلى غير الأب، وأن المؤمن يجب عليه أن ينتسب إلى أبيه، ولا يجوز له أن ينتسب إلى غير أبيه، واللفظ: إلى أبيه لا إلى جده، الواجب أن ينتسب إلى أبيه، ولا يجوز له أن ينتسب إلى غير أبيه، قد جاء الوعيد في ذلك عن النبي ﷺ من طرق كثيرة، فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك، وأن لا ينتسب إلا إلى أبيه، هذا هو الواجب على كل مسلم وهذا وكل مسلمة، وأما حديث: من قال هلك الناس فهو أهلكهم، فهو أيضاً حديث صحيح يروى (فهو أهلكُهم)، ويروى (فهو أهلكَهم)، والمعنى: أنه هو الذي أهلكهم ولم يهلكوا، وأما رواية { فهو أهلكُهم }، يعني: فهو أشدهم هلاكاً، والمسلمون لا يهلكون، بل لا تزال فيهم طائفة على الحق منصورة حتى يأتي أمر الله، كما قاله النبي ﷺ: لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله، وفي اللفظ الآخر: من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله، وفي اللفظ الآخر: لا يزال أمر هذه الأمة قائمًا حتى يأتي أمر الله.
فالمقصود: أن هذه الأمة لا تجتمع على الضلالة، بل لا يزال فيها طائفة على الحق مستقيمة على الهدى لا يهلكون جميعًا، ولكن مثلما قال الله سبحانه: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]، أكثر الخلق على خلاف الحق، والصواب مع القليل لا مع الأكثر، قال جل وعلا: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13]، قال سبحانه: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينََ [سبأ:20]، فلا يجوز لمسلم أن يقول: هلك الناس، أو كفر الناس لا، ولكن يقول: هلك الأكثر، أو كفر الأكثر، يعني عبارة لا تعم الجميع، ولا يقول أيضاً: كفر الأكثر، لكن يقول: هلك الأكثر، أما العموم لا، لا يجوز العموم، لأنه لا تزال طائفة والحمد لله على الحق مستقيمة وثابتة حتى يأتي أمر الله، والمراد بأمر الله يعني: الريح التي تكون في آخر الزمان، فإن الله سبحانه يبعث ريحًا في آخر الزمان تقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات، فلا يبقى إلا الأشرار فعليهم تقوم الساعة، وهذا بعد طلوع الشمس من مغربها، بعد الآيات الآخيرة، آيات الساعة بعد طلوع الشمس من مغربها يبعث الله ريحًا طيبة، تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة أينما كان، فلا يبقى إلا الأشرار وعليهم تقوم الساعة، نسأل الله العافية.
المقدم: جزاكم الله خيرًا وأحسن إليكم.