حكم السترة ومقدارها

السؤال:

نعود مع مطلع هذه الحلقة إلى رسالة إحدى الأخوات المستمعات من الرياض، رمزت إلى اسمها بالحروف (خ. أ. ع) تقول في أحد أسئلتها: علمت أن من السنة وضع السترة أمام المصلي، فهل يجوز وضع سترة قصيرة كأن يكون طولها شبرًا؟ وإن لم يصلح فما مقدار طولها؟ 

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد. 

فاتخاذ السترة للمصلي سنة مؤكدة، كان النبي ﷺ يفعلها في أسفاره، وكانت تحمل معه العنزة، وهي عصا صغيرة لها حربة تركز أمامه -عليه الصلاة والسلام- ويصلي إليها، كان في المسجد يصلي إلى السترة، عليه الصلاة والسلام.

فالسنة لكل مصلٍ من رجل، أو امرأة أن يصلي إلى سترة، ولهذا في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود وغيره عن أبي سعيد عن النبي ﷺ أنه قال: إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها السنة الدنو منها، ولما صلى في الكعبة -عليه الصلاة والسلام- دنا من الجدار الغربي حتى لم يكن بينه وبينه إلا ثلاثة أذرع.

فالسنة للمؤمن والمؤمنة اتخاذ سترة كالجدار، أو السارية، أو الكرسي أمامه، أو ما أشبهه مما له جسم قائم، وأقل ذلك مثل مؤخرة الرحل، قال العلماء: وهي تقارب الذراع، أو ثلثي الذراع إذا كانت السترة القائمة نحو ثلثي الذراع، أو ما يقارب ذلك كفت إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر صلى ولو إلى عصا مطروحة، أو خط كما في حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يجد فليخط خطًا، ثم لا يضره من مر بين يديه.

فالمؤمن يجتهد، وهكذا المؤمنة، فإن وجد جدرًا صلى إليه، أو سارية، أو كرسيًا، أو مركى مما يتكأ عليه يجعله أمامه، أو عصا لها حربة يركزها في الأرض، أو ما أشبه ذلك مما يكون له قاع، أو له ظل قائم .... كذراع، أو ما يقاربه ثلثي ذراع، أو ما يقارب ذلك، فإن لم يتيسر له ذلك جعل وسادة أمامه، أو عصا مطروحة أمامه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] حسب التيسير، أو خطًا إذا كان في الأرض كالصحراء، ليس عنده شيء، خط خطاً ويكفي على الصحيح، والحديث لا بأس به، كما قال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن، رواه ابن ماجة وأحمد وجماعة بإسناد حسن.

فالحاصل: أن هذا الحديث الذي فيه الخط لا بأس به على الصحيح، وهو عند الحاجة، عند عدم تيسر الجدار والعصا المنصوبة يخط خطاً.

وليست السترة واجبة، بل لو صلى إلى غير سترة صحت صلاته، لكن يكون ترك السنة، السنة أن يصلي إلى سترة، وإذا مر بين السترة وبين المصلي حمار، أو امرأة بالغة، أو كلب أسود قطع الصلاة، كما في الحديث الصحيح، يقول ﷺ: يقطع صلاة المرء المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود، في حديث ابن عباس: المرأة الحائض يعني: البالغة.

وهذا يدل على أن الصغيرة لا تقطع، والرجل لا يقطع، وهكذا الإبل والغنم لا تقطع وسائر الدواب ما عدا الحمار. 

وهكذا الكلاب كلها لا تقطع إلا الأسود، لكن لا ينبغي أن يمر شيء يمنع المار بين يديه، لا يمر شيء، للحديث الصحيح يقول ﷺ: إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان

فإذا أراد شيء أن يمر بين يديك تدفعه ترده، ولو أنها شاة، أو طفلة ترده إذا تيسر ذلك، لكن لو مر لا يقطع، لا يفسد عليك صلاتك إلا إذا كان المار امرأة بالغة، أو حمارًا أو كلبًا أسود مر بين يديك قريبًا منك .. أقل من ثلاثة أذرع، أو بينك، وبين السترة ولو كان أكثر، إذا كان بينك وبين السترة، وأما ما مر من وراء السترة إذا مر من ورائها فإنه لا يضر، ولو كان المار كلبًا أسود، أو امرأة، أو حمارًا إذا كان من وراء السترة. نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا. 

فتاوى ذات صلة