الجواب:
كان الصحابة يتوسلون به في حياته، يعني: بدعائه وشفاعته ما هو بالذات، يتوسلون بدعائه وشفاعته إلى الله ، فكان يخطب ويدعو ويستغيث فيغيث الله المسلمين، أو يدعو للشخص بدعوات صالحة ينفعه الله بها، وهكذا يوم القيامة يطلب الناس منه الشفاعة فيشفع لهم في الموقف حتى يريحهم الله من كرب الموقف، ويشفع في أهل الجنة حتى يدخلوا الجنة بعدما يتقدم الناس إلى آدم ثم إلى نوح، ثم إلى إبراهيم، ثم إلى موسى، ثم إلى عيسى، فكلهم يعتذرون، كل واحد يقول: اذهب إلى غيري، لست لها، حتى يقول لهم عيسى وهو الأخير منهم يقول لهم: اذهبوا إلى محمد -عليه الصلاة والسلام- عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال: فيأتوني -يعني: يأتيه الناس يأتيه المؤمنون- فيقول: أنا لها أنا لها -عليه الصلاة والسلام- ثم يتقدم إلى ربه، ويسجد بين يديه، ويحمده بمحامد عظيمة يفتحها الله عليه ثم يقول له الرب -جل وعلا-: ارفع رأسك وقل يسمع، وسل تعط واشفع تشفع.
فبعد الإذن يشفع -عليه الصلاة والسلام- في أهل الموقف حتى يقضى بينهم، ثم يشفع في أهل الجنة حتى يدخلوا الجنة.
وفي حياته ﷺ يطلب منه المسلمون ليستغيث لهم، ليدعو لهم، وهم يستشفعون بدعائه لا بذاته، فلهذا لما توفي ﷺ تركوا ذلك، واستسقى عمر بالعباس وقال عمر : "اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل بعم نبينا فاسقنا" ولو كان التوسل بذاته لتوسلوا به بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- ولم يحتاجوا إلى العباس، فلما عدل عمر والصحابة إلى العباس ليدعو لهم دل على أن التوسل بالدعاء، والشفاعة لا بالذوات.
فالمسلمون اليوم يتوسلون إلى الله بالدعاء يسألون الله، ويدعونه أن يسقيهم، وأن يرحمهم، وأن يغفر لهم، لا بذات النبي ﷺ ولا بغير ذات النبي، وإذا رأى المسلمون أن يدعو لهم فلان، أو فلان لما فيه من الصلاح والخير، يقال له: تقدم فادع الله لنا، أو وجدوا من أهل بيت النبي ﷺ من هو معروف بالخير والفضل والعلم، وطلبوا منه أن يدعو الله لهم كله طيب، كما فعل عمر مع العباس، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم.