حكم من تاب من ذنب وأقسم ألا يعود ثم عاد

السؤال:

بعد هذا رسالة وصلت إلى البرنامج من مدينة الخبر باعثها المستمع عبدالسلام الرشيدي، يقول: أولًا: يقول لكم سماحة الشيخ: أتقدم لفضيلة الشيخ لكي أسأله عن حكم من أراد أن يقلع عن فعل ذنب من الذنوب رغبة منه في التوبة إلى الله، والإقلاع عن هذا الفعل المحرم الذي لا يعد من الكبائر، ورغبة منه في زجر نفسه ونهيها أقسم بالله العظيم على كتابه الكريم في مسجد الله، وأعاهد الله على ألا يعود لفعل ذلك المحرم، ولكن بعد أن أقسم استمر فترة وجيزة ملتزمًا بما عاهد الله عليه، ثم خدعه الشيطان، وغلبه هواه، فعاد إلى ذلكم الفعل المحرم، ما حكم هذه الحالة؟ وما هي كفارة هذا القسم على القرآن في المسجد، وبماذا تنصحون به هذا الذي يرغب رغبة أكيدة بالتوبة النصوح، ثم يغلبه هواه فيعود لاقتراف الفعل المحرم؟ جزاكم الله خيرًا. 

الجواب:

على المذنب -سواء كان الذنب كبيرًا أو صغيرًا- عليه التوبة إلى الله، والمسارعة إلى ذلك، ولا يلزمه القسم ولا حاجة إلى القسم، بل الواجب عليه الندم على ذنبه الماضي، والحزن على ذلك، والترك له خوفًا من الله، وتعظيمًا له سبحانه، والعزم الصادق ألا يعود، هذا الواجب عليه، أمور ثلاثة:

أولًا: الندم على الماضي.

ثانيًا: ترك الذنب والحذر منه، تعظيمًا لله ورغبة فيما عنده سبحانه.

ثالثًا: العزم الصادق ألا يعود في ذلك.

ولا حاجة إلى أن يقسم، ولا حاجة إلى أن يكون في المسجد، فإذا أقسم كان الأمر أشد، إذا أقسم بالله على المصحف، أو في المسجد كان الأمر أعظم، ولكن لا يلزمه ذلك، ولا حاجة إلى القسم، التوبة تكفي بدون قسم، وبدون وجوده في المسجد، متى ندم وأقلع، وترك الذنب، وعزم ألا يعود قبل الله منه في أي مكان، وفي أي زمان، وإذا عاد يؤخذ بالذنب بعد العودة. 

أما الماضي فقد تاب منه وانتهى، لكن عليه أن يتوب من العودة التي زين له الشيطان العودة فيها، عليه أن يتوب مثل ما تاب أولاً، وكلما تاب تاب الله عليه، إذا صدق في التوبة وأخلص فيها واستوفى شروطها، وعليه كفارة يمين التي حلفها أنه لا يعود، عليه كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فإن عجز صام ثلاثة أيام... كما بين الله ذلك في كتابه العظيم من سورة المائدة، حيث قال سبحانه: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89]، هكذا يقول .

فالواجب على من حلف ألا يفعل شيئًا، ثم فعله أن يكفر هذه الكفارة، وإن كان ذنبًا فعليه مع الكفارة التوبة، الندم، والإقلاع، والعزم الصادق ألا يعود، تعظيمًا لله، ورغبة فيما عنده .

وإن كان الذنب يتعلق بالمخلوق ظلمًا له في دم، أو مال، أو عرض، فلابد أن يستحله من هذا الذنب، شرط رابع لا بد منه، أو يعطيه حقه، إما أن يستحله فيسمح أو يعطيه حقه، وإن كان الذنب عرضًا يعني: غيبة، استحله إن تيسر، وإلا دعا له، واستغفر له، وذكره بالأعمال الطيبة التي يعرفها عنه، ذكره بأخلاقه الطيبة التي يعرفها عنه بدلاً مما ذكره عنه من الأخلاق السيئة، تكن هذه بهذه، رزق الله الجميع الهداية والتوفيق.

المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم. 

فتاوى ذات صلة