الجواب:
جاء في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال: يقول الله : لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا؛ لقيتك بقرابها مغفرة قرابها يعني ما يقارب ملأها، قرابها يعني ملؤها، أو ما يقارب ملأها، وهذا عبارة عن سعة جوده وكرمه.
والمعنى أنك لو لقيتني بكل الذنوب ما عدا الشرك بالله؛ فإنه -جل وعلا- يغفر لمن تاب إليه، وأناب إليه، وهكذا الشرك إذا تاب صاحبه؛ تاب الله عليه؛ لكن من مات على الشرك؛ فإنه لا يغفر له، بل له النار أبدًا -نسأل الله العافية- لقول الله : إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] ثم قال سبحانه وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] فبين في كتابه العظيم أن الشرك لا يغفر، وأن ما دونه تحت مشيئته فمن جاءه بذنوب دون الشرك تائبًا نادمًا؛ تاب الله عليه، وإن جاء غير تائب؛ فهو تحت مشيئة الله، ويرجى له أن يتوب الله عليه، وأن يعفو عنه إذا كانت له أعمال صالحة، أو مات على حسن خاتمة.
فالمقصود: أن هذا فيه وعد، فيه رجاء، وعد لمن مات على المعاصي إذا لقي الله موحدًا، ليس بمشرك؛ أن الله يغفر له، فهذا من أحاديث الرجاء، من أحاديث الوعد، وهناك أحاديث الوعيد لمن مات على المعاصي.
فالواجب على العاصي، الواجب عليه أن يبادر بالتوبة، وألا يتعلق بأحاديث الرجاء، بل يجب أن يحذر وعيد الله يحذر الوعيد، ويحسن ظنه بربه -جل وعلا- فيبادر بالتوبة، وترك المعاصي، ولا يتعلق بالرجاء، ويقيم على المعاصي، فهو على خطر عظيم، لأنه متوعد بالنار إذا قام على المعاصي.
فالواجب على المسلم أن يبادر إلى ما يرضي الله، وأن يدع ما حرم الله، مع حسن ظنه بربه ورجائه، أن يغفر له ما قد يبقى من ذنوبه وسيئاته إذا مات على شيء من ذلك، يحسن ظنه بربه، ويرجوه أن يغفر له، لكنه لا يتساهل، ولا يعتمد على الرجاء، ويقيم على المعاصي والسيئات.
فأنت يا عبدالله عليك أن تحذر الإصرار، وأن تبادر بالتوبة النصوح من ذنوبك؛ لعلك تفوز بالمغفرة والرحمة؛ لأن الله وعد المغفرة من لم يصر كما في هذه الآية الكريمة مع الرجاء لمن مات على المعاصي؛ يكون عنده حسن ظن بالله، لا يقنط، ولكن يحذر، ويجتهد في التوبة، في ترك المعاصيـ مادام في قيد الحياة؛ حذرًا من غضب الله؛ وحذراً من عقابه نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم.