الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد.
فهذه الأحاديث التي ذكرها السائل أحاديث صحيحة، يقول النبي ﷺ: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهو رد متفق على صحته من حديث عائشة -رضي الله عنها- وفي لفظ: يقول ﷺ: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا؛ فهو رد أخرجه مسلم في صحيحه، ويقول ﷺ: إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
والبدعة: هي التي يحدثها الناس في الإسلام في الطاعات والقربات، يقال لها: بدعة، ما أحدثه الناس في التعبد يقال له: بدعة، مثل: بدعة الاحتفال بالمولد، مثل: بدعة البناء على القبور، واتخاذ المساجد على القبور والقباب، وما أشبه ذلك مما يحدثه الناس، ومعنى الرد: يعني: مردود.
لكن ما فعله عثمان من الأذان الثاني في خلافته، ليس من البدع؛ لأن الرسول ﷺ قال: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي وهو من الخلفاء الراشدين، وقد أحدث الأذان الثاني، وهو الأول للمصلحة، لمصلحة المسلمين حتى ينتبهوا للجمعة، ولهذا أقره الصحابة في زمانه، وعمل به المسلمون بعده؛ لأنه داخل في قوله ﷺ: عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ.
وهكذا ما فعل في عهده من جمع المصحف، كان الناس يحفظون القرآن في صدورهم، وفي زمانه؛ خافوا على الناس أن يضيع منهم القرآن، فاجتمع رأي من الصحابة على أنه يكتب في المصاحف؛ حتى يبقى بين أيدي المسلمين، وحتى يحفظ، وكان هذا من الأعمال الطيبة التي وفق الله الصحابة لها.
وهكذا ما فعله عمر من جمع الناس على إمام واحد في التراويح في رمضان، وكانوا في عهد النبي ﷺ يصلون أوزاعًا في المسجد، كل يصلي لنفسه، أو يصلي مع اثنين، أو ثلاثة، أو أربعة، أو أكثر، ثم جمعهم عمر على إمام واحد؛ لأنه رأى أن هذا أولى من تفرقهم، وتأسى بالنبي ﷺ حين صلى بالناس في رمضان عدة ليالي جماعة في رمضان، ثم قال: أخاف أن تفرض عليكم صلاة الليل، فأمرهم أن يصلوا في بيوتهم.
فلما توفي النبي ﷺ انقطع الوحي، وأمن فرضها؛ فلهذا جمعهم عمر، وصارت سنة أولية جمع الناس على إمام واحد في رمضان في التراويح، والقيام، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.