الجواب:
الرسول ﷺ هو سيد ولد آدم -عليه الصلاة والسلام- بلا شك، وبإجماع أهل العلم؛ لأنه قال -عليه الصلاة والسلام-: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر فهو سيد ولد آدم وأفضلهم -عليه الصلاة والسلام-؛ لما خصه الله بهذه الرسالة العامة، والنبوة، والعبودية الخاصة، والفضل العظيم الكثير الذي جاءت به الأحاديث، ودل عليه القرآن الكريم، فهو أفضل عباد الله، وهو سيد ولد آدم -عليه الصلاة والسلام-.
ولا بأس ولا حرج في أن يقول الإنسان: اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، هذا كله لا حرج فيه، إلا في المواضع التي شرع الله فيها تمحيض اسمه، وعدم ذكر السيد فيها؛ فإنه لا يأتي بالسيد فيها، مثل التحيات، يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ لأنه لم يرد في هذا المقام ذكر السيد، فالأولى الاقتصار على ما جاء في النصوص، وهكذا في الأذان والإقامة يقول: أشهد أن محمدًا رسول الله في الأذان، وفي الإقامة، ولا يقول: أشهد أن سيدنا محمد رسول الله، لا؛ لعدم وروده، فلما لم يرد في النصوص واستمر المسلمون على عدم ذكر السيد هنا في الصلاة في الأذان والإقامة، الصحابة وغيرهم كلهم لم يحفظ عنهم أنهم قالوا في الأذان والإقامة: سيدنا محمد، بل يقول: أشهد أن محمدًا رسول الله، يقول المؤذن والمقيم، وهكذا في الصلاة يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، هذا هو الأفضل.
أما في المواضع الأخرى: مثل الخطبة في الجمعة، وفي الأعياد لا بأس، الأمر فيه موسع أو الخطبة في المحاضرات والمؤلفات، كل هذا لا بأس به؛ لأنه حق، لأنه سيد ولد آدم -عليه الصلاة والسلام-.
وأما ما جاء في حديث عبدالله بن الشخير فقد قال العلماء فيه: إنه قال: السيد الله -تبارك وتعالى- من باب التواضع، ومن باب الخوف عليهم أن يغلو فيه، ويطروه -عليه الصلاة والسلام-؛ فيقعوا في الشرك، فخاف عليهم ﷺ وقال: السيد الله -تبارك وتعالى- وهو حق فهو سبحانه سيد الجميع، والملك الأعظم، والسيد هو الملك والحاكم، والله -جل وعلا- هو أحكم الحاكمين، وهو ملك الملوك ، فتسميته بالسيد لا محظور فيه، ولا إشكال فيه، هو ملك الملوك وأولى باسم السيد من غيره .
لكن هذا الاسم لا بأس أن يطلق على غيره، والنبي ﷺ قال: من سيد بني فلان؟ يسأل الصحابة، ويقول للعبد: وليقل سيدي ومولاي وقال في نصرة سعد بن معاذ لما جاء للحكم في بني قريظة قال: قوموا إلى سيدكم الصحابة، وقال في الحسن ابن ابنته الحسن بن علي: إن ابني هذا سيد، ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين فحقق الله ما قال، وأصلح الله به بين أهل الشام والعراق، فهذا كله يدل على جواز إطلاق السيد على العالم والرئيس والملك وعليه ﷺ أنه سيد ولد آدم .
وأما قوله: السيد الله -تبارك وتعالى- فهذا بيان أن من أسماء الرب السيد، وأنه ينبغي لمن ووجه وقيل له: أنت سيدنا، أو يا سيدنا أنه يقول هذا الكلام؛ تواضعًا، وخشية لله ، وتعظيمًا له، وتحذيرًا للقائل من هذا الذي قاله؛ لئلا يقع في الغلو والإطراء، إذا قال: يا سيدنا فلان، أنت سيدنا، فيقول له: لا، لا تقل لي هذا الكلام، السيد الله، كما قاله النبي ﷺ؛ تحريضًا على التواضع، وخوفًا من الكبر والخيلاء لمن قيل له ذلك، وخوفًا من الغلو أيضًا، قد يغلو فربما دعاه من دون الله، أو استغاث به، أو عظمه تعظيمًا لا يليق إلا بالله، فلهذا أنكره النبي ﷺ وقال: السيد الله وقال: قولوا بقولكم، أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان يعني: لا يجركم الشيطان إلى الشرك والغلو، فهذا كله تواضع منه ﷺ، وتحذير الأمة من الغلو والإطراء الذي قد يوقع الأمة فيما حرم الله من الشرك الذي حرمه الله ووسائله، نعم.