هجر أصحاب الكبائر

الأخ/ م. م من الجزائر بعث إلينا سؤالا يقول فيه:
س: ما القول في معاملة أصحاب الكبائر كاللواط والزنا وغيرها من الذنوب التي جاءت النصوص بالوعيد الشديد لمن يقترفها؟ هل يجوز الكلام مع أصحاب هذه الجرائم؟ وهل يجوز إلقاء السلام عليهم..؟ وهل تجوز مصاحبتهم بقصد تذكيرهم بوعيد الله وأليم عقابه إذا كان فيهم بوادر التوبة؟

ج: من يتهم بهذه المعاصي تجب نصيحته وتحذيره منها ومن عواقبها السيئة، وأنها من أسباب مرض القلوب وقسوتها وموتها، أما من أظهرها وجاهر بها فالواجب أن يقام عليه حدها، وأن يرفع أمره إلى ولاة الأمور، ولا تجوز صحبتهم ولا مجالستهم، بل يجب هجرهم لعل الله يهديهم ويمن عليهم بالتوبة، إلا أن يكون الهجر يزيدهم شرا. 
فالواجب الإنكار عليهم دائما بالأسلوب الحسن والنصائح المستمرة حتى يهديهم الله. ولا يجوز اتخاذهم أصحابا، بل يجب أن يستمر في الإنكار عليهم وتحذيرهم من أعمالهم القبيحة، يجب على ولاة الأمور في البلاد الإسلامية أن يأخذوا على أيديهم وأن يقيموا عليهم الحدود الشرعية، ويجب على من يعرف أحوالهم أن يساعد الدولة في ذلك؛ لقول الله سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة: 2] وقوله : وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ الآية.. [التوبة: 71] وقوله : وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ ۝ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر: 1 - 3].
وقول النبي ﷺ: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان رواه الإمام مسلم في صحيحه، وقوله ﷺ: الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم أخرجه مسلم أيضا. والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يوفقهم للتواصي بالحق والصبر عليه، وأن يجمع كلمتهم على الهدى ويصلح ولاة أمرهم. إنه خير مسئول[1].

  1. مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (5 /399).
فتاوى ذات صلة