هل يحاسب الإنسان على الهم بالمعصية؟

السؤال:

سماحة الشيخ، هذه سائلة مسلمة تقول: بأنها مسلمة ملتزمة، وتحمد الله على ذلك، ملتزمة بالفرائض والواجبات، وذكر الله ، تقول: ولكنني أجد في نفسي بين فترة وأخرى قد هممت بمعصية لفظية؛ فهل أحاسب على ذلك؟ وماذا أفعل؟

مأجورين.

الجواب:

الالتزام بطاعة الله، وترك معاصيه هذه من نعم الله العظيمة، ومن صفات المتقين والأخيار، فتحمد الله هذه المؤمنة، وتسأل ربها الثبات على الحق حتى الموت؛ فإن الله يقول -جل وعلا-: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ [هود:112] ويقول سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا يعني: ثبتوا على الحق، وساروا عليه فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأحقاف:13-14].

فالواجب على الرجل والمرأة الثبات على الحق، والاستقامة والصبر حتى الموت، والحذر من السيئات القولية والفعلية جميعًا، يجب الحذر من المعاصي كلها القولية والفعلية، وإذا هم العبد بمعصية ما يضره الهم لا يضر، معفو عنه، إنما يعاقب إذا قال أو عمل، أما همّ قلبٍ، وحركة قلب فالله -جل وعلا- عفا عنها؛ لقول النبي ﷺ -في الحديث الصحيح-: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت بها أنفسها ما لم تعمل أو تكلم فالأمر يتعلق بالقول أو الفعل، أما هواجسه وهمّه بقلبه فالله يعفو عنه -جل وعلا-؛ حتى يقول أو يعمل، وإذا كانت المعصية من عمل القلب أخذ بها؛ لأن مع القلب عمل: كالرياء في قلبه، وخوف المخلوقين كما يخاف الله، أو رجاؤهم كما يرجو الله، أو التكبر بقلبه هذا من أعمال القلب يؤخذ بذلك؛ لأن الرسول ﷺ قال: ما لم يعمل يعني: بقلبه أو جوارحه أو يتكلم بلسانه فعمل القلب يؤخذ به الإنسان خوف الله ومحبته ورجاؤه والإخلاص له، له الأجر، وإذا تكبر على العباد أو راءى بقلبه أخذ بذلك وصار آثمًا بذلك، وهكذا، فالمعاصي القلبية يؤخذ بها، والطاعات القلبية ينتفع بها يؤجر بها؛ لأن القلب له قول، وله عمل. 

أما اللسان فإنه لا يؤخذ بكلمات اللسان إلا إذا تكلم، ولا يؤخذ بأعمال الجوارح إلا إذا عمل، نعم.

المقدم: أحسن الله إليكم، وبارك فيكم سماحة الشيخ، قد يوسوس الشيطان للمسلم المطيع لربه والعابد، كيف يتخلص الإنسان من هذه الوساوس؟
الشيخ: اشتكى بعض الصحابة إلى النبي ﷺ ذلك، فقال له النبي ﷺ: انفث عن يسارك ثلاث مرات، وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال عثمان بن أبي العاص الصحابي الجليل لما سأل السائل قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عني ما أجد» فإذا جاءت الوساوس يكثر من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وينفث عن يساره ثلاث مرات -ولو في الصلاة- ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا كانت الوساوس تتعلق بالله أو بالجنة أو بالنار للتكذيب فليقل: آمنت بالله ورسله، آمنت بالله ورسله، آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وينتهي، الصحابة لما شكوا إليه هذه الوساوس الخبيثة قال لهم: قولوا إذا وجد أحدكم ذلك قل: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولينته أحدكم يعني: ليقل هذا ولينته، فإنه قد يأتيه الوساوس، ويقول: ما هنا جنة، ما هنا نار، أين الله؟ أين...؟ وساوس تتعلق بالله أو بالجنة أو بالنار أو بالرسول، فإذا وجد هذا، فليقل: آمنت بالله ورسله، آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وبهذا تنتهي عنه هذه الوساوس بفضل الله -جل وعلا-، نعم.

المقدم: أحسن الله إليكم، وبارك فيكم.

فتاوى ذات صلة