واجب المرأة تجاه زوجها المتساهل بالصلاة

السؤال:

الرسالة التالية وصلت إلى البرنامج من اليمن وباعثتها إحدى الأخوات المستمعات تقول: المرسلة أم أيمن عبدالله علي يحيى سعيد من اليمن تعز، رسالتها طويلة بعض الشيء سماحة الشيخ تقول: أنا أستمع إلى برنامج (نور على الدرب) دائمًا، ولي سؤال إذا سمحتم بعرضه، والإجابة عليه: أنا امرأة متزوجة، وعندي أربعة أولاد، وقد هداني الله إلى الصلاة والصيام، وقد علمت أولادي الصلاة، والصيام منذ كانت أعمارهم سبع سنوات، وقد كان زوجي مسافرًا لفترة طويلة، وعندما عاد، واستقر بدأت الحياة تدب فينا من جديد، لكن زوجي منذ عرفته -منذ ستة عشرة سنة- وهو يتهاون بصلاة الفجر، هذا أمامي، وأما عندما كان مسافرًا فالله يعلم، وهو لا يصلي الفجر دائمًا إذا سمعه، أو لم يسمعه، وقد نصحته بأن لا يتهاون بصلاة الفجر، فكان يغضب مني، ويتشاجر معي ويقول: إنه سوف يقضي عندما يستيقظ بعد شروق الشمس، وأنا أتألم لذلك؛ لأنه قدوتنا في البيت، وأيضًا يتهاون أحيانًا بصلاة الجمعة، وأنا أنصحه بعدم التهاون بصلاة الجمعة، ولكنه يغضب مني، ويحاول التشاجر معي، ولكن أبتعد عن التشاجر معه أمام أولادي، وأكتم الغضب في قلبي، وقد أحسست بكراهية وبغضاء تجاهه؛ بسبب تهاونه بالصلاة، فهل علي إثم في كراهيته، وعدم الرغبة في النظر إليه،؟ومعذرة لطول السؤال، جزاكم الله خيرًا. 

الجواب:

لقد أحسنت -جزاك الله خيرًا- في تربية الأولاد، وتعليمهم، والاجتهاد في أسباب صلاحهم، وهذا هو الواجب عليك، ولك عند الله الأجر العظيم.

كما أنك أحسنت في نصيحة زوجك، والإكثار عليه في المحافظة على صلاة الفجر، وصلاة الجمعة، وهذا هو الواجب عليك، وعلى أمثالك، النصيحة للزوج والنصيحة للأولاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، يقول الله في كتابه المبين القرآن: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71] هؤلاء المرحومون في الدنيا والآخرة، وأنت منهم -إن شاء الله- لحرصك على الخير.

والله -جل وعلا- أخبر عن المؤمنين والمؤمنات جميعًا الذكور والإناث، كلهم مأمورون، وكلهم يجب عليهم أن يأمروا بالمعروف، وينهوا عن المنكر، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة ويطيعوا الله ورسوله.

ويقول سبحانه: وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3] فالتواصي بالحق واجب مع الأولاد، ومع الزوج، ومع الأقارب، ومع الجيران، ومع المسلمين جميعًا، يجب على الرجال والنساء جميعًا أن يتواصوا بالحق، والصبر عليه، وبذلك تصلح المجتمعات، وتصلح الأسر، ويستقيم أمر الله في عباد الله، ويظهر الحق.

ويقول سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[المائدة:2] فالواجب عليك الاستمرار في نصيحته، وأنت مأجورة في بغضك له، وكراهتك له؛ لأنه أتى منكرًا عظيمًا، بل كفرًا؛ لأن من تعمد ترك الصلاة عمدًا؛ يكفر بذلك، وهكذا من تعمد ترك الجمعة.

فالواجب على زوجك أن يتقي الله، وأن يحافظ على صلاة الجمعة، وعلى صلاة الفجر كبقية الصلوات، وأنا أخشى عليه -إن كان كاذبًا- أن يكون كافرًا إذا كان لا يصلي الفجر، أو لا يصلي الجمعة، يقول النبي ﷺ: لينتهين أقوام عن تركهم الجمعات؛ أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين رواه مسلم في الصحيح، ويقول ﷺ: من ترك ثلاث جمع بغير عذر؛ طبع الله على قلبه ويقول -عليه الصلاة والسلام-: بين الرجل، وبين الكفر والشرك ترك الصلاة رواه مسلم في صحيحه، ويقول أيضًا -عليه الصلاة والسلام-: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر.

فأنت شددي عليه، ولا يقربك حتى يستقيم، وإلا فاعتزليه بالكلية، واذهبي إلى أهلك، أو في بيت وحدك أنت وأولادك، وأنت أحق بأولادك منه؛ لأن مثلهم يربيهم على الشر، فأنت أولى بأولادك، وعليك أن تستمري في النصيحة لهذا الزوج مع منع نفسك منه؛ حتى يتوب إلى الله، وحتى يرجع إلى الحق، وحتى يحافظ على الصلوات كلها، نسأل الله له الهداية، وأن يمن عليه بالتوبة، ونسأل الله لك المزيد من التوفيق، وعظيم الأجر، وأن ينفع بجهودك، ودعوتك ونصيحتك، وأن يجعلك مباركة أينما كنت، وأن يهديه لقبول نصيحتك، والهداية بما يعينه على الخير، وبما يعينه على ترك الشر، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم، سماحة الشيخ! هذه المرأة تقرب من المثالية!

الشيخ: الله أكبر، جزاها الله خيرًا، نعم.

المقدم: ولا بد لسماحتكم من كلمة إلى كل زوجة تؤمن بالله. 

الشيخ: نعم، نعم، على كل زوجة أن تتقي الله، وأن تعين زوجها على طاعة الله، وألا تتساهل معه، وألا تداهنه، وعلى الزوج كذلك أن يتقي الله في زوجته، وأن يعينها على طاعة الله، وأن يلزمها بالصلاة في وقتها، كل منهما عليه أن يعين الآخر، وأن ينصح الآخر.

يقول الله لنبيه ﷺ: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132] ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] فالواجب على جميع الأسرة التعاون على الخير، الزوج والزوجة، والأب، والأم، والأخ، والابن، والبنت، كلهم يتعاونون، يجب على الجميع أن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يتواصوا بالحق، فالزوج يأمر زوجته، ويلزمها بالحق، ولو بالتأديب، والزوجة كذلك تنصح زوجها، وتعينه على الحق، وإذا لم يستجب؛ استحق منها الهجر فيما أظهر من المعاصي.

والهجر ثلاثة أيام في القول، وإذا كان كفرًا؛ وجب عليها فراقه: كترك الصلاة، أو سب الدين، هذا يكون كفرًا من سب الدين، أو سب الرسول، أو ترك الصلاة يكون كافرًا، يجب عليها أن تتركه، وأن تذهب إلى أهلها، وتمنعه من نفسها.

وكذلك إذا كان يجحد شيئًا مما حرمه الله؛ كأن يستحل الخمر، أو الزنا، ويراه حلالًا، أو يرى أن الصلاة ما هي بواجبة يقول: ما هي بواجبة، ما علينا صلاة، أو ما علينا زكاة، .. يكون هذا كفرًا أكبر، أو يستهزئ بالدين: يسخر بالصلاة، أو يسخر بالإسلام، أو يسخر بالزكاة، أو يسخر بالرسول، ويستهزئ به؛ كل هذا كفر أكبر، وردة عن الإسلام، نعوذ بالله.

المقصود: الواجب على الزوجين، وعلى الأسرة كلها: التناصح، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق، والصبر في ذلك، والله -جل وعلا- يعينهم إذا صدقوا، وأخلصوا، يعينهم، ويوفقهم، وينفع بجهودهم، هكذا سنته في عباده، أنه سبحانه يوفق من أخلص له، ويعينه، كما قال : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ۝ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، ويقول سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4] نعم. 

المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم، وتقبل منكم. 

فتاوى ذات صلة