الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد.
فلا أعلم صحة شيء من هذه الأحاديث، وليس لها أصل فيما نعلم، ولكن إذا قرأ القرآن ليستفيد منه في أمور دنياه، وأمور دينه؛ فهو مطلوب، لكنه أنزل لعمل الآخرة، وليستقيم على أمور الآخرة، هذا هو الأهم، ويترتب على العمل بالقرآن صلاح أمر الدنيا والآخرة، لكن ليس المقصود من إنزاله صلاح أمر الدنيا، إنما الدنيا تابعة، فإذا قرأ القرآن، ودرس القرآن وتدبر القرآن؛ ليعلم أمر الدنيا، والآخرة، وليستفيد من ذلك ما يصلح أمر الدنيا والآخرة؛ فهذا كله طيب، ولكن ليكن أكبر همه إصلاح أمر الآخرة، والعناية بما أوجب الله عليه، وما حرم الله عليه؛ حتى يعرف من كتاب الله ما أوجب الله، وما حرم الله، وحتى يستقيم على طاعة الله ورسوله، وإذا استفاد من القرآن أيضًا فيما يتعلق بطيب الكسب، فهذا من أمر الآخرة، كونه يجتهد في أن يكون كسبه طيبًا حلالًا بعيدًا عن الحرام، يستفيد في صلة رحمه.. في بر والديه.. في إكرام جاره.. في حفظ وقته، كل هذا ينفع في الدنيا والآخرة.
وهكذا: (اقرؤوا القرآن لما شئتم) فالمعنى له وجه صحيح، يقرؤه ليتفقه في الدين، يقرؤه ليخاف الله، ويراقب الله، يقرؤه ليعالج به مرضه، يقرؤه ليعرف أحكام بيعه، أحكام معاملته للناس، يعرف به أحكام صلاته .. إلى غير ذلك، يقرأ لما يشاء، لكن أهم ما يكون أن يكون يقرؤه ليعرف ما يرضي الله، ويقرب لديه؛ ليعرف أسباب السعادة ليعرف أسباب النجاة، ليعرف أسباب الهلاك حتى يحذرها، فهو أنزل ليستقيم العبد على طاعة الله ورسوله، كما قال : كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29] وقال سبحانه: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:89] ففيه بيان أسباب السعادة في الدنيا والآخرة، فإن من سار على القرآن في معاملاته أفلح، فإنه يصدق في الحديث، ويصدق في المعاملة، لا يغش، لا يخون، لا يكذب .. إلى غير هذا من الأخلاق الطيبة التي يدعو إليها القرآن.
وإذا أخذ بهذه الأخلاق -ولو كان إنما أراد الدنيا- ينفعه ذلك، لكن لا يكون له أجر إذا كان ما أراد إلا الدنيا، أما إذا أراد بذلك إرضاء الله، والتقرب لديه؛ جمع الله له خير الدنيا والآخرة، أثيب، ومع ذلك صلح له أمر الدنيا فيما فعل، وإن لم يقصد الآخرة، وثواب الله؛ نفعه ما فعله في الدنيا من الصدق، والأمانة، وعدم الغش إلى غير هذا من الأشياء التي دل عليها القرآن، وأرشد إليها القرآن، لكن إذا فعله المكلف طاعة لله، وتعظيمًا لله، ورغبة فيما عنده، ولإصلاح أيضًا من أمر دنياه؛ جمع الله الخيرين خير الدنيا، والآخرة، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.