الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد أوضح الله سبحانه الشروط المعتبرة في نكاح أهل الكتاب، فقال : الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ [المائدة:5].
فالله أباح لنا المحصنات من أهل الكتاب، إذا دفعنا لهن أجورهن وهي المهور، والمحصنة: هي الحرة العفيفة، فإذا تيسر للمسلم حرة عفيفة من أهل الكتاب، واتفق معها على المهر المطلوب وهو الأجر؛ جاز له نكاحها، بواسطة وليها، وليس هناك شروط أخرى فيما نعلم، إلا أنه ينبغي للمؤمن أن يلتمس المسلمات المحصنات، وأن يقدم ذلك على نكاح المحصنات من أهل الكتاب؛ لأسباب كثيرة، منها: أن ذلك أسلم لدينه، ومن ذلك أنه أسلم لذريته، ومن ذلك أن أخواته المسلمات أولى بالإعفاف، وأولى بالإحسان من الكافرات؛ ولهذا كان كثير من السلف يكره نكاح المحصنات من أهل الكتاب، ومنهم عمر أمير المؤمنين.
فنصيحتي لك -أيها السائل- أن لا تزوج من أهل الكتاب، وأن تلتمس محصنة مسلمة من أهل دينك؛ لأن ذلك خير لك في دينك ودنياك، وخير لك في العاقبة، وخير لذريتك -إن شاء الله-، لكن لو تزوجت محصنة من أهل الكتاب، فأولادها تبع لك، مسلمون ذكورًا كانوا أو إناثًا؛ لأن الولد يتبع خير أبويه، والمسلم خير من الكافر، فإذا كان الزوج مسلمًا والمرأة كتابية، فإن أولاده منها يتبعونه بحكم إسلامه، من غير حاجة إلى تجديد الإسلام، وعليك أن تسعى مجتهدًا في توجيه الأولاد إلى الخير، وإدخالهم المدارس الإسلامية حيث أمكن ذلك، أو تعليمهم في البيت.
المقصود: أنك تجتهد في بعدهم من شر الكفرة، ومكائد الكفرة وشبه الكفرة، ومدارسهم إلا عند الضرورة، فإنهم يدرسون في المدارس الكافرة الدروس التي تنفعهم، ويكون لك عناية بهم من جهة الدروس الدينية، ولو بواسطة معلم خاص في البيت، إذا لم يتيسر لهم دروس في المدرسة الكافرة في بلد لا تدرس به دروس إسلامية، وكثير من المدارس يوجد فيها دراسات إسلامية، وإن كانت في دول كافرة.
والخلاصة: أنك تجتهد في التزوج من المسلمات، وإذا قدر أنك تزوجت محصنة من أهل الكتاب، فإن أولادك منها تابعون لك، ومحكوم بإسلامهم، وعليك الاجتهاد في تربيتهم التربية الصالحة، توجيههم إلى الخير، والحذر من كل ما يسبب جرهم إلى الكفر بالله، واعتناقهم دين أمهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً، في حالة ما إذا اكتشف أن الأبناء لا زالوا على دين أمهم، وأنهم لم يعتنقوا الإسلام رغم محاولته، هل يسمح للبنات بأن يتزوجوا من أهل ديانة غير ديانة الإسلام؟
الشيخ: عليه أن يجاهد في أن تكون البنت مسلمة تبعًا له، وهكذا الولد الذكر، فيحرص على ذلك، وليس لها أن تتبع دين أمها، وليس للذكر كذلك أن يتبع دين أمه، فالواجب عليه أن يتبع دين أبيه، وهذا فرض عليه، وإذا استمر في متابعته لدين أمه -النصرانية- فهذا محل نظر؛ لأنه ينبغي له أن لا يتساهل معهم في ذلك، بل يجب أن يلاحظ دعوتهم للإسلام، وترغيبهم في الإسلام، وبذل المستطاع في الإسلام، حتى يتزوج بالمسلم، ويتزوج الولد بالمسلمة، ويبتعد الجميع عن خطر الكفر وشر الكفر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.