الجواب:
هذا الحديث رواه مسلم في الصحيح عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي ﷺ أعطى عمر شيئًا من المال كان عمر يريد مالًا، فأعطاه النبي بعض الشيء، فقال عمر: يا رسول الله أعطه من هو أحوج إليه مني، فقال له النبي ﷺ: خذه، وتموله، أو تصدق به، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف، ولا سائل؛ فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك.
فالنبي ﷺ أمر عمر أن يقبل ما جاءه من بيت المال، ومن جنس هذا المال من غير سؤال، ولا إشراف نفس، فإن شاء تموله، وجعله في حاجاته، وإن شاء تصدق به، فأنت إذا جاءك مال ليس من طريق الربا، ولا من طريق القمار، بل هدية من أخيك فاقبله، أو من بيت المال فاقبله، فإن شئت تموله في حاجاتك، في طعامك، وشرابك، وملابسك في أهل بيتك، وإن شئت فتصدق به على من شئت إذا كنت لا تريده، أو تتبرع عنه، تصدق به على من يحتاج إليه من الفقراء، ولا ترده إلا بأسباب، إلا إذا كان له أسباب الرد.
إذا أعطاك المال من أجل أن تشهد له بالزور لا تقبل هذا المال، إذا أعطي القاضي المال ليحكم عليه بالجور، ليس للقاضي أن يقبل هذا المال، ما يجوز له؛ لأنه يكون رشوة إذا أعطاك المال من أجل معصية تفعلها معه، أو له ما يجوز، أما إذا أعطاك المال أحبك في الله، أو لأنك فقير، أو لأجل الرحم فلا ترده إلا إذا كنت تعلم أنه خبيث، أنه سرقه، أنه ظلمه من زيد، أو عمر، فرده حينئذ؛ لأنه اكتسبه بما حرم الله، وتعدى على عباد الله، أو تأخذه منه، وتعطيه صاحبه إذا عرفت أنه سرقه من فلان، أو ظلمه فلان، أو غصبه من فلان؛ فخذه، ورده إلى صاحبه؛ فتكون صاحب خير، وتكون محسنا بذلك.
فالحاصل: أن المال إذا جاءك من طريق لا بأس به، فخذه، ولا ترده، إن شئت تتصرف به لنفسك، وإن شئت فتصدق به، أو اصرفه في مشروع الخير، أما إذا جاء من طريق غير شرعية، من طريق الرشوة، من طريق السرقة، والظلم للناس؛ فلا تقبله، ولا تعن على معاصي الله.