الجمع بين: «مًنْ همَّ بسيئة» و «هما في الوزر سواء»

السؤال:

إذا هم الإنسان بفعل ذنب ما، ومنعه مانع خارجي، هل عليه نفس الوزر إذا فعل هذا الذنب بنص حديث: هما في الوزر سواء وكيف يوفق بين هذا الحديث وحديث: من هم بسيئة، ولم يفعلها؛ كتبت له حسنة؟

الجواب:

الرسول -عليه الصلاة والسلام- صرح بأن الله كتب الحسنات والسيئات، وبين ذلك كما جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس، وأن من هم بالسيئة فلم يعملها، لم تكتب عليه، وإن تركها من أجل الله؛ كتبها الله حسنة؛ لأنه تركها من جراء الله، وإن هم بالحسنة كتبها الله حسنة، فإن عملها؛ كتبها الله عشر حسنات، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة. 

وأما ما جاء في حديث أبي كبشة الأنماري: الدنيا لأربعة ذكر منهم: رجل أعطاه الله مالا وعلما فهو يتقي في ماله ربه ويصل فيه رحمه فهو في أعلى المنازل، ورجل أعطاه الله علما ولم يعطه مالا فقال: لو كان لي مثل فلان لعملت فيه مثل عمله، قال فهما في الأجر سواء، والثالث أعطي مالا ولم يعط علما فهو لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعمل لله فيه حقا فهو بشر المنازل -نعوذ بالله، والرابع رجل لم يعط علما ولا مالا فهو يقول : لو كان لي مالا مثل فلان لعملت فيه مثل عمله قال -عليه الصلاة والسلام-: فهما في الوزر سواء بسبب النية الخبيثة، نسأل الله العافية.

لا شك أن هذا قد يشكل مع الحديث الصحيح الذي فيه أن النية الطيبة تنفع، ويؤجر صاحبها، والسيئة إذا لم يعمل لا تكتب عليه، وإن تركها من أجل الله كتبت حسنة، وفي حديث أبي كبشة الأنماري أن هذا الرجل الذي قال : لو كان لي مثل فلان -يعني من المال- لعملت مثل عمله السيئ قال: فهما في الوزر سواء

والجواب عن هذا -والله أعلم-: أن هذا في حق من صمم على هذا، وعزم عليه، ولم يمنعه إلا العجز، وإلا فهو مصمم على أن يعمل بالمعاصي، والسيئات التي يعملها ذاك الرجل الذي أعطاه الله المال بلا علم، فهو مثله في الوزر لتصميمه، وعزمه الصادق، وما علم الله من قلبه من الخبث، والفساد فهو مثل الذي قال فيه النبي ﷺ: إذا التقى المسلمان بسيفهما؛ فالقاتل والمقتول في النار قيل يا رسول الله: هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: لأنه كان حريصًا على قتل صاحبه فجعله معه في النار -نسأل الله العافية- لأنه حريص، ما منعه إلا العجز، وإلا فقد جاء بالسيف، وأعد العدة، وحاول القتل، لكن غلبه صاحبه، فقتله، فهما في النار سواء، هذا بأنه قتل، وهذا بأنه حاول القتل. 

فهذا الرجل الذي في حديث أبي كبشة يقول: لو كان لي من المال مثل فلان لعملت فيه مثل عمله يعني مصمم، ومريد هذا، وعنده عزم عليه، وجد لو وجد ذلك، ولكن منعه الفقر ومنعه العجز، فهذا -والعياذ بالله- حري بأن يكون مثله في الفساد، والشر، والإثم، نسأل الله العافية.

بخلاف الذي همَّ، ثم ترك؛ فهذا ما عزم، هم، ثم ترك، فهذا ليس عليه شيء، أو ترك من أجل الله، فهذا له حسنة، أما هذا هم، وعزم، وصمم على أنه يعمل مثل فلان، ولكن غلبه صاحبه بالقتل، أو عزم، وصمم، ولكن لم يقدر له المال، ولم يسعف المال، وهو مصمم، فهذا يفيد الحذر من التصميم على السيئات، والعزم عليها، وأن في ذلك خطر عظيم، نسأل الله العافية.

فتاوى ذات صلة