الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله، وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد تقدم قبل الصلاة في الندوة، والتعليق عليها ما يدل على شدة تحريم المسكرات، والمخدرات، وعظيم الأضرار، والأخطار المترتبة عليها في الدنيا، والآخرة، وقد ورد عنه ﷺ أنه أمر بقتل شارب الخمر في الرابعة، ولو يحد في الأولى، ويحد في الثانية بالجلد، ويحد في الثالثة بالجلد، فإذا عاد في الرابعة يقتل؛ لأنه بذلك صار معتادًا للفساد، ويعسر تركه، لذلك فكان في قتله إراحة للناس من شره، وحماية له أيضًا من البقاء على التكرار فيما يضره، ولا ينفعه.
ولكن جمهور أهل العلم، وأكثر أهل العلم قالوا: إن هذا منسوخ، وإن قتله في الرابعة منسوخ بقوله ﷺ: لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ألا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة.
قالوا: وهذا يدل على أن من عدا هؤلاء الثلاثة لا يقتل، بل يعامل بما يجب من حد، وتعزير، ومن قال بقتله قال: إنه مستثنى، وأنه قام عليه الدليل، فيستثنى من هذه الثلاث، ويقتل من أجل فساده في الأرض، وأن تكراره لشرب الخمر، واعتياده لذلك يجعله من المفسدين، ومن المروجين للباطل؛ فيقتل؛ ليراح الناس من شره، والمجتمع من أضراره.
وهذا -كما قال المحققون من أهل العلم- محل نظر، فإن ولي الأمر ينظر في هذا الأمر، ويجتهد، فإن رأى قتل من تكررت منه هذه المفسدة؛ قتله، وإن رأى أن يعيد عليه الجلد مرة رابعة، وخامسة، وسادسة؛ فلا بأس، فينظر في الأصلح الذي يرجى فيه مصلحة الأمة، ومرضاة الرب .
وهكذا المروجون من باعة الخمر، وغيرهم من المخدرات، والمفترات، ولي الأمر ينظر في ذلك، فيزيد في العقوبة، والتعزير على حسب كثرة الترويج، والفساد من باعة هذه الأشياء، ومروجيها، وقد يفضي التعزير إلى أن يقتل هذا المروج حتى يراح الناس من نشره الفساد، ولا يصار إلى القتل إلا عند الضرورة، وعند الحاجة القصوى إذا لم يرتدع بالحدود الشرعية، والتعزيرات الشرعية، نسأل الله السلامة.