ج: في وقتنا الحاضر يسر الله أمر الدعوة أكثر، بطرق لم تحصل لمن قبلنا، فأمور الدعوة اليوم متيسرة أكثر، وذلك بواسطة طرق كثيرة، وإقامة الحجة على الناس اليوم ممكنة بطرق متنوعة، مثلا: عن طريق الإذاعة، وعن طريق التلفزة، وعن طريق الصحافة، وهناك طرق شتى.
فالواجب على أهل العلم والإيمان وعلى خلفاء الرسول ﷺ أن يقوموا بهذا الواجب، وأن يتكاتفوا فيه، وأن يبلغوا رسالة الله إلى عباد الله، ولا يخشون في الله لومة لائم، ولا يحابون في ذلك كبيرًا ولا صغيرًا ولا غنيًا ولا فقيرًا، بل يبلغون أمر الله إلى عباد الله كما أنزل الله وكما شرع الله.
وقد يكون ذلك فرض عين إذا كنت في مكان ليس فيه من يؤدي ذلك سواك، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه يكون فرض عين، فإذا كنت في مكان ليس فيه من يقوى على هذا الأمر ويبلغ أمر الله سواك فالواجب عليك أنت أن تقوم بذلك، فأما إذا وجد من يقوم بالدعوة والتبليغ والأمر والنهي غيرك فإنه يكون حينئذ في حقك سنة إذا بادرت إليه وحرصت عليه كنت بذلك منافسا في الخيرات وسابقا إلى الطاعات.
ومما احتج به على أنها فرض كفاية قوله جل وعلا: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ [آل عمران: 104] قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية ما معناه: ولتكن منكم أمة منتصبة لهذا الأمر العظيم تدعو إلى الله وتنشر دينه وتبلغ أمره .
ومعلوم أيضا أن الرسول عليه الصلاة والسلام دعا إلى الله وقام بأمر الله في مكة حسب طاقته، وقام الصحابة كذلك رضي الله عنهم وأرضاهم بذلك- حسب طاقتهم- ثم لما هاجروا قاموا بالدعوة أكثر وأبلغ، ولما انتشروا في البلاد بعد وفاته عليه الصلاة والسلام قاموا بذلك أيضا رضي الله عنهم وأرضاهم، كل على قدر طاقته وعلى قدر علمه.
فعند قلة الدعاة، وعند كثرة المنكرات، وعند غلبة الجهل كحالنا اليوم تكون الدعوة فرض عين على كل واحد بحسب طاقته، وإذا كان في محل محدود كقرية ومدينة ونحو ذلك ووجد فيها من تولى هذا الأمر وقام به وبلغ أمر الله كفى وصار التبليغ في حق غيره سنة؛ لأنه قد أقيمت الحجة على يد غيره ونفذ أمر الله على من سواه.
ولكن بالنسبة إلى بقية أرض الله وإلى بقية الناس يجب على العلماء حسب طاقاتهم، وعلى ولاة الأمر حسب طاقتهم، أن يبلغوا أمر الله بكل ما يستطيعون، وهذا فرض عين عليهم على حسب الطاقة والقدرة.
وبهذا يعلم أن كونها فرض عين وكونها فرض كفاية أمر نسبي يختلف، فقد تكون الدعوة فرض عين بالنسبة إلى أقوام وإلى أشخاص، وسنة بالنسبة إلى أشخاص وإلى أقوام؛ لأنه وجد في محلهم وفي مكانهم من قام بالأمر وكفى عنهم.
أما بالنسبة إلى ولاة الأمور ومن لهم القدرة الواسعة فعليهم من الواجب أكثر، وعليهم أن يبلغوا الدعوة إلى ما استطاعوا من الأقطار حسب الإمكان بالطرق الممكنة، وباللغات الحية التي ينطق بها الناس، يجب أن يبلغوا أمر الله بتلك اللغات حتى يصل دين الله إلى كل أحد باللغة التي يعرفها، باللغة العربية وبغيرها، فإن الأمر الآن ممكن وميسور بالطرق التي تقدم بيانها، طرق الإذاعة والتلفزة والصحافة وغير ذلك من الطرق التي تيسرت اليوم ولم تتيسر في السابق، كما أنه يجب على الخطباء في الاحتفالات وفي الجمع وفي غير ذلك أن يبلغوا ما استطاعوا من أمر الله ، وأن ينشروا دين الله حسب طاقاتهم وحسب علمهم.
ونظرا إلى انتشار الدعوة إلى المبادئ الهدامة وإلى الإلحاد وإنكار رب العباد وإنكار الرسالات وإنكار الآخرة، وانتشار الدعوة النصرانية في الكثير من البلدان، وغير ذلك من الدعوات المضللة، نظرا إلى هذا فإن الدعوة إلى الله اليوم أصبحت فرضًا عامًا وواجبًا على جميع العلماء وعلى جميع الحكام الذين يدينون بالإسلام، فرض عليهم أن يبلغوا دين الله حسب الطاقة والإمكان بالكتابة والخطابة، وبالإذاعة وبكل وسيلة استطاعوها، وألا يتقاعسوا عن ذلك أو يتكلوا على زيد أو عمرو، فإن الحاجة بل الضرورة ماسة اليوم إلى التعاون والاشتراك والتكاتف في هذا الأمر العظيم أكثر مما كان قبل ذلك؛ لأن أعداء الله قد تكاتفوا وتعاونوا بكل وسيلة للصد عن سبيل الله والتشكيك في دينه ودعوة الناس إلى ما يخرجهم من دين الله .
فوجب على أهل الإسلام -الأمراء والعلماء وغيرهم- أن يقابلوا هذا النشاط الملحد بنشاط إسلامي، وبدعوة إسلامية على شتى المستويات، وبجميع الوسائل وبجميع الطرق الممكنة، وهذا من باب أداء ما أوجب الله على عباده من الدعوة إلى سبيله[1].
فالواجب على أهل العلم والإيمان وعلى خلفاء الرسول ﷺ أن يقوموا بهذا الواجب، وأن يتكاتفوا فيه، وأن يبلغوا رسالة الله إلى عباد الله، ولا يخشون في الله لومة لائم، ولا يحابون في ذلك كبيرًا ولا صغيرًا ولا غنيًا ولا فقيرًا، بل يبلغون أمر الله إلى عباد الله كما أنزل الله وكما شرع الله.
وقد يكون ذلك فرض عين إذا كنت في مكان ليس فيه من يؤدي ذلك سواك، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه يكون فرض عين، فإذا كنت في مكان ليس فيه من يقوى على هذا الأمر ويبلغ أمر الله سواك فالواجب عليك أنت أن تقوم بذلك، فأما إذا وجد من يقوم بالدعوة والتبليغ والأمر والنهي غيرك فإنه يكون حينئذ في حقك سنة إذا بادرت إليه وحرصت عليه كنت بذلك منافسا في الخيرات وسابقا إلى الطاعات.
ومما احتج به على أنها فرض كفاية قوله جل وعلا: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ [آل عمران: 104] قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية ما معناه: ولتكن منكم أمة منتصبة لهذا الأمر العظيم تدعو إلى الله وتنشر دينه وتبلغ أمره .
ومعلوم أيضا أن الرسول عليه الصلاة والسلام دعا إلى الله وقام بأمر الله في مكة حسب طاقته، وقام الصحابة كذلك رضي الله عنهم وأرضاهم بذلك- حسب طاقتهم- ثم لما هاجروا قاموا بالدعوة أكثر وأبلغ، ولما انتشروا في البلاد بعد وفاته عليه الصلاة والسلام قاموا بذلك أيضا رضي الله عنهم وأرضاهم، كل على قدر طاقته وعلى قدر علمه.
فعند قلة الدعاة، وعند كثرة المنكرات، وعند غلبة الجهل كحالنا اليوم تكون الدعوة فرض عين على كل واحد بحسب طاقته، وإذا كان في محل محدود كقرية ومدينة ونحو ذلك ووجد فيها من تولى هذا الأمر وقام به وبلغ أمر الله كفى وصار التبليغ في حق غيره سنة؛ لأنه قد أقيمت الحجة على يد غيره ونفذ أمر الله على من سواه.
ولكن بالنسبة إلى بقية أرض الله وإلى بقية الناس يجب على العلماء حسب طاقاتهم، وعلى ولاة الأمر حسب طاقتهم، أن يبلغوا أمر الله بكل ما يستطيعون، وهذا فرض عين عليهم على حسب الطاقة والقدرة.
وبهذا يعلم أن كونها فرض عين وكونها فرض كفاية أمر نسبي يختلف، فقد تكون الدعوة فرض عين بالنسبة إلى أقوام وإلى أشخاص، وسنة بالنسبة إلى أشخاص وإلى أقوام؛ لأنه وجد في محلهم وفي مكانهم من قام بالأمر وكفى عنهم.
أما بالنسبة إلى ولاة الأمور ومن لهم القدرة الواسعة فعليهم من الواجب أكثر، وعليهم أن يبلغوا الدعوة إلى ما استطاعوا من الأقطار حسب الإمكان بالطرق الممكنة، وباللغات الحية التي ينطق بها الناس، يجب أن يبلغوا أمر الله بتلك اللغات حتى يصل دين الله إلى كل أحد باللغة التي يعرفها، باللغة العربية وبغيرها، فإن الأمر الآن ممكن وميسور بالطرق التي تقدم بيانها، طرق الإذاعة والتلفزة والصحافة وغير ذلك من الطرق التي تيسرت اليوم ولم تتيسر في السابق، كما أنه يجب على الخطباء في الاحتفالات وفي الجمع وفي غير ذلك أن يبلغوا ما استطاعوا من أمر الله ، وأن ينشروا دين الله حسب طاقاتهم وحسب علمهم.
ونظرا إلى انتشار الدعوة إلى المبادئ الهدامة وإلى الإلحاد وإنكار رب العباد وإنكار الرسالات وإنكار الآخرة، وانتشار الدعوة النصرانية في الكثير من البلدان، وغير ذلك من الدعوات المضللة، نظرا إلى هذا فإن الدعوة إلى الله اليوم أصبحت فرضًا عامًا وواجبًا على جميع العلماء وعلى جميع الحكام الذين يدينون بالإسلام، فرض عليهم أن يبلغوا دين الله حسب الطاقة والإمكان بالكتابة والخطابة، وبالإذاعة وبكل وسيلة استطاعوها، وألا يتقاعسوا عن ذلك أو يتكلوا على زيد أو عمرو، فإن الحاجة بل الضرورة ماسة اليوم إلى التعاون والاشتراك والتكاتف في هذا الأمر العظيم أكثر مما كان قبل ذلك؛ لأن أعداء الله قد تكاتفوا وتعاونوا بكل وسيلة للصد عن سبيل الله والتشكيك في دينه ودعوة الناس إلى ما يخرجهم من دين الله .
فوجب على أهل الإسلام -الأمراء والعلماء وغيرهم- أن يقابلوا هذا النشاط الملحد بنشاط إسلامي، وبدعوة إسلامية على شتى المستويات، وبجميع الوسائل وبجميع الطرق الممكنة، وهذا من باب أداء ما أوجب الله على عباده من الدعوة إلى سبيله[1].
- نشرت في مجلة الدعوة في العدد (1468) بتاريخ 21/6/1415 هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 403/8)