حكم هجر من لم ينته عن المنكر

السؤال:

في المثال الذي ذكره فضيلة الشيخ المنيعي عن قول الله تعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ [المائدة:78] الآية عن بني إسرائيل، هل يعني ذلك أنني إذا نهيت شخصًا عن منكر ما، ثم لم ينته، فهل يعني ذلك أن أمتنع عن مؤاكلته، والعيش معه حتى ينتهي عن منكره مهما كان هذا المنكر بسيطًا، نرجو توضيح ذلك؟

الجواب:

نعم هذه من عقوبة بني إسرائيل، الإنسان إذا رأى أخاه على المنكر؛ فعليه أن يستمر معه في النصيحة والتوجيه، ولا يتخذه مع ذلك صديقًا، ولا جليسًا، ولا أكليًا وهو على منكره، هذه هي التي وقعت في بني إسرائيل، بل يجتهد في إزالة المنكر بالنصيحة والتوجيه، وإذا لم يؤد ذلك إلى المطلوب؛ هجره، شرع له هجره، والهجر للعلماء فيه أقوال ثلاثة:

أحدها: أنه مستحب مطلقًا.

والثاني: واجب مطلقًا.

والثالث: التفصيل، إن رأى أنه مؤثر، وأنه يردعه عن المنكر؛ هجره، وإن رأى أن الهجر يزيده شرًا، ويزيده بعدًا من الهدى؛ لم يهجره، واستعمل النصيحة والإنكار معه دائمًا من دون هجر.

وهذا القول الوسط هو أقربها، وأظهرها في الدليل، والنبي ﷺ هجر قومًا وترك آخرين، هجر قومًا رأى ﷺ أنه يؤثر عليهم الهجر، كما هجر كعب بن مالك، وصاحبيه، وغيرهم؛ لأنه رأى أن هذا يؤثر عليهم، ويسبب هدايتهم وانتباههم، وعدم عودهم إلى ما أنكر عليهم.

وترك آخرين: كعبدالله بن أبي سلول، وجماعة من المنافقين؛ لأنه رأى في هجرهم خطرًا على المسلمين، فترك هجرهم واستعمل معهم التعليم والنصيحة؛ رجاء أن يهديهم الله، وأن يسلم الناس من شرهم، فأنت مع من تبتلى به هكذا، إن رأيت أن هجره، وعدم الجلوس معه، وعدم الاتصال به أنفع؛ فافعل ذلك، وإن رأيت أن الاتصال به بعض الأحيان، وزيارته بعض الأحيان، والاجتماع به بعض الأحيان أقرب إلى إنكار المنكر، وإلى هدايته فافعل ذلك، لا تقطعه بالكلية، إذا رجوت أنه يزول المنكر بهذه الزيارة، وأن هجره بالكلية قد يزيده شرًا، ويبعده من الهدى، فاستعمل ما تراه أصلح، لا من أجل دنياك وشهواتك لا، بل من أجل مصلحة الدين، ومسألة الدين، رزق الله للجميع التوفيق والهداية.

السؤال: وإن كان قريبًا؟

الجواب: وإن كان قريبًا نعم، قريبًا أو بعيدًا.

فتاوى ذات صلة