حكم مصافحة الأجنبية ترغيباً في الدعوة إلى الله

السؤال:

بعد أن منَّ الله علي بنعمة التوحيد في هذه البلاد في الثلاث سنوات الأخيرة، وبإذن الله بعد أن أخذت نصيبًا من العلم النافع في علوم التوحيد وغيره من العبادات؛ وجدت السفر قريبًا -إن شاء الله- إلى بلادي ومسقط رأسي هناك، وكعادة أهل المنطقة، والبلاد يكون هناك الوالدان والأشقاء، وبنات العم، وبنات العمات في استقبالي، وفي نيتي بعد الوصول إلى الأهل هناك أن أقوم بدعوة التوحيد بين الأهل الأقربين خاصة، وأهل المنطقة عامة، فهل يجوز لي أن أصافح هؤلاء القريبات لي من بنات العم، والعمات عند استقبالهم لي، علمًا بأنهم جميعهم يجهلون التوحيد الصحيح، أم لا أصافحهم؟ مع جهلهم التوحيد، وأخشى أن يرفضوا قبول هذه الدعوة مع أنها أساس الدين. 

الجواب:

الواجب على طالب العلم أن يبذل ما لديه من العلم، وأن يدعو إلى الله في البلاد التي تحتاج إليه، وليس فيه من يقوم مقامه، ويحرص على اللين والرفق، والكلام الطيب، والأسلوب الحسن في إبلاغ الدعوة، وإذا كان أهل بلده يجهلون أشياء من أحكام الله تقدم إليهم، وبين لهم أحكام الله وأرشدهم، ولو وجد بعضهم في نفسه شيئًا فإن العادات التي تخالف الشرع لا يجوز احترامها، وهل عودي الرسل إلا بالعادات المخالفة، الرسل لم يعادوا إلا بالعادات المخالفة، فلا بد من الصبر. 

وإذا كان الأمر كذلك؛ فتقدم إليهن قبل ذلك، اكتب إليهن الآن قبل أن تذهب إليهم، اكتب إليهم، وقل لهم: إن من عادة بلادنا كذا وكذا، وإني أوصيكم بترك ذلك، وعدم فعل ذلك؛ حتى يعلمن ذلك وأنت في البلد قبل أن تسافر إليهم، وإذا وصلت إليهم؛ فقل لهم قبل السلام عليهن يا أخواتي ويا بنات عمي ويا كذا ويا كذا، تقول لهم: لقد تعلمت وعلمت أن هذا لا يجوز، والسلام يكون بغير مصافحة هذا مع بنات العم والخال ونحو ذلك.

أما مع أخواتك وعماتك وخالاتك فلا بأس، إنما هذا في غير المحارم: كبنت العم، وبنت الخال، وبنت الخالة، والجيران، تسلم عليهم، لكن من دون مصافحة، كيف حالكم؟ كيف أولادكم؟ تحييهم، وترحب بهم، وتسأل عن أحوالهم، لكن من دون مصافحة. 

ثبت عنه ﷺ أنه قال: إني لا أصافح النساء لما قدمت إليه بعض النساء يدها قال: إني لا أصافح النساء مع ما أعطاه الله من الإيمان والحكمة والعصمة -عليه الصلاة والسلام- وقالت عائشة -رضي الله عنها-: "والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام -عليه الصلاة والسلام-". 

فالمقصود: أن المؤمن يتأسى بالنبي ﷺ ولا يتطلب رضا الناس من أجل أمر آخر، الله يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، عليك أن تعلم ما عليك إن اهتدوا؛ فلهم ولك الأجر، وإن أبوا؛ فقد أديت ما عليك، ليس عليك إلا البلاغ كما هو دأب الرسل -عليهم الصلاة والسلام-. 

فتاوى ذات صلة