حكم التساهل في معاملة الكافرين بحجة سماحة الدين

السؤال:

سؤالي هو كما تعلمون أن أبناء المسلمين اليوم يختلطون بالكفار في أماكن العمل، وفي أماكن الدراسة، وفي كل مكان، ونحن نعلم أنه يجب على المسلم أن لا يبدأ الكافر بالسلام، وأن يضطره إلى أضيق الطريق، إلا أن هناك بعض الجهلة تجدهم يسارعون بالسلام على الكفار، والضحك معهم، وتناول الطعام على مائدتهم، بل إن هناك من يخاطب الكفار بقوله: يا أخي، وعندما نقول لهؤلاء: إنه من الواجب علينا أن نبغض هؤلاء الكفار، ونبتعد عنهم؛ يحتجون بقولهم: إن الإسلام دين لين، وسماحة، ويقولون: نحن نريد أن نبين للكفار السماحة الإسلامية حتى يدخلوا في الإسلام، فهل قولهم هذا من الصواب؟ وكيف ندعو هؤلاء الكفار الذين في بلاد المسلمين؟ 

الجواب:

مثل ما سمعت يقول الله -جل وعلا-: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]، ويقول سبحانه: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وهم اليهود والنصارى وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [العنكبوت:46]. 

فإذا خاطبهم بالتي هي أحسن، ودعاهم إلى الله، وأرشدهم يا أبا فلان، أو يا فلان، يا أبا زيد، يا أبا عبدالله، يا أبا حباب، يا أبا فلان، لكن لا يقول: يا سيدي، ولا يقول: يا أخي، يقول: يا أبا فلان، أو يا فلان، أو نحو ذلك من العبارات التي لا يكون فيها غضاضة، فيدعوه إلى الله، ويرشده، ويعلمه، ونحو ذلك؛ لأن هذا هو الواجب، هذا هو الطريق السوي. 

النبي ﷺ قال لسعد بن عبادة لما زاره يعوده في مرضه، وكان عبدالله بن أبي قد تكلم بكلام قبيح على النبي ﷺ لما مر على جماعة وفيهم عبدالله بن أبي، وأرشدهم النبي ﷺ ودعاهم إلى الله، وتلا عليهم القرآن؛ قام عبدالله بن أبي وتكلم، وخمر وجهه، وقال: لا تغبروا علينا، لما وجد غبار الدابة، وقال: يا فلان لا أحسن ما تقول، فإن كان حقًا؛ فلا تغشانا في محلاتنا، واجلس في بيتك حتى يأتيك من تقص عليه، فقام بعض الصحابة وقال: لا يا رسول الله، بل اغشنا به في محلاتنا، وادعنا فإنا نحب أن نسمع منك، فقام لهؤلاء أنصار، ولهؤلاء أنصار، حتى كادت أن تقع فتنة كبيرة، فهدأهم النبي وسكنهم -عليه الصلاة والسلام- ثم لما وصل إلى سعد بن عبادة أخبره قال: أشعرت بما فعل أبو الحباب؟!

ما قال الخبيث، الكافر الذي فيه ما فيه؟ قال: أما شعرت ما فعل أبو الحباب؟ يعني عبدالله بن أبي، كان رأسًا في الخزرج، فقال: يا رسول الله إنه لا تعجل عليه، ارفق به، فإن هذا الرجل كان أهل المدينة قد أجمعوا على ترأسه، على تتويجه أن يكون ملكًا عليهم، فلما جاء الله بك؛ بطل هذا الأمر، وحرم هذا الأمر، ولهذا شرق بالدعوة، وعظم عليه الأمر، وأبغض هذه الدعوة بسبب ما فاته من الرياسة، فرفق به النبي ﷺ ولم يقل له ..... ما لا فيه الخبيث، بل قال: ما فعل أبو الحباب، ولم يزل يرفق به حتى مات على نفاقه -نسأل الله العافية-. 

فتاوى ذات صلة