الجواب:
إذا كان طالب العلم الذي يرقي الناس قد اعتاد علامات يعرفها مما يصيب المسحور، أو علامات يعرف بها العين؛ فلا بأس بذلك، يقرأ عليه ما يسر الله من كتاب الله، كالفاتحة، وآية الكرسي، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، أو غيرها من الآيات، الله جعل القرآن شفاءً من العين، ومن السحر أيضًا، حتى قال ﷺ: لا رقية إلا من عين أو حمة.
قال العلماء: المعنى: لا رقية أولى وأشفى، أو لا أولى وأنفع إلا من عين أو حمة، والعين هي النظرة يسمونها النظرة، هي النفس، والحمة السم من ذوات السموم، وقال -عليه الصلاة والسلام-: لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا وقد رَقى ورُقي -عليه الصلاة والسلام- وأمر أن يُرقى أولاد جعفر وقال: إنها أصابتهم العين قال لأمهم: إنها أصابتهم العين فأمرها أن تسترقي لهم، فالرقية نافعة من العين.
فإذا كان طالب العلم المعروف بالعقيدة الصالحة أنه جرب هذه الأمور، ورأى أن ما في فلان أنه مما يعرف أنه عين، أو أنه سحر، مسحور، فيتعاطى بعلاج السحر، أو علاج العين، النبي قال: العين حق، ولو أن شيئًا سبق القضاء؛ لسبقته العين وقال: استغسلوا فإذا عرف العائن يُستغسل، يطلب منه أن يغسل وجهه، ويتمضمض، ويغسل داخلة إزاره، وأطراف يديه ورجليه، حتى يصب على المعين، وهو يشفى بإذن الله، أو يرفع بما يسر الله من القرآن، من الفاتحة، وآية الكرسي، وغير ذلك، والغالب أنه ينفعه ذلك بإذن الله.
وهكذا المسحور يرقى بالفاتحة، وآية الكرسي، وآيات السحر التي في سورة الأعراف، ويونس، وطه، تقرأ في ماء له مع القواقل -قل يا أيها الكافرون، قل هو الله أحد، والمعوذتين- ويشرب منه بعض الشيء، ويغتسل بالباقي، فينفع الله بذلك كثيرًا ممن يصاب بالسحر.
والسحر واقع، يقع كثيرًا، كما قال الله -جل وعلا-: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ [البقرة:102].
فالسحر واقع، كثير من الناس... منه ما يقتل، ومنه ما يمرض، ومنه ما يغير العقل، لهم فيه أنواع من التصرفات، فيستعينون بالجن والشياطين في ذلك، وقد وقع هذا في عهد موسى -عليه الصلاة والسلام- وقام سحرة فرعون بجمع العصي، والحبال على أعين الناس، وسحروا أعينهم؛ حتى ظن الناس أن هذه العصي وهذه الحبال حيات يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى [طه:66] فلما ألقى موسى عصاه لقفتها وأخذتها كلها، وعرف الناس بطلان هذا السحر، وخر السحرة سجدًا لله وتابوا وأنابوا إلى الله .
والمقصود: أن هذا له علاج، فإذا عرف بالعلامات التي اعتادها أنه سحر؛ استعمل الرقية من السحر، وذكر بعض المتقدمين أن من أسباب العلاج، وأن مما يدخل في العلاج: سبع ورقات سدر تُدق وتجعل في الماء أيضًا، وأن هذا أيضًا قد ينفع بإذن الله من أمر السحر.
وهكذا في أمر الرجل الذي يُحبس عن زوجته، ويمنع من زوجته؛ إذا قرئ له هذه الآيات مع الفاتحة، مع آية الكرسي، مع قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، وشرب منه، واغتسل بالباقي؛ فالغالب أنه يزول أثره ويطلق حبسه.